في شهر فبراير من العام الجاري، انتشرت أخبار حول فيروس كورونا، الذي أصبح وباء عالمي. ومع عدم وجود علاج محدد حتى اللحظة، أكدت منظمة الصحة العالمية على أهمية غسل اليدين بالماء والصابون بشكل مستمر. وأثناء كتابتي لهذا المقال، أدركت مدى استخدام أصابعنا بشكل مستمر.
تجسد الأصابع دوراً هاماً في حياتنا اليومية. فماذا لو تعرضت للضعف أو فقدت القدرة على الإحساس والحركة؟ ستصبح الحياة معقدة ومحدودة. هذه ليست مجرد تأملات، بل هي أعراض حقيقية لمتلازمة النفق الرسغي، التي تسببها ضغط على العصب المتوسط في الرسغ.
هذه المتلازمة تسبب ألماً، تنميل وفقدان الشعور في الذراع واليد. الكشف المبكر والعلاج يمكن أن يساعد في التحكم في هذه الأعراض وتجنب التدهور. إلا أن تجاهل الأعراض والتأخر في العلاج قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تتطلب التدخل الجراحي.
النفق الرسغي هو ممر ضيق في الرسغ يبلغ عرضه حوالي 2 سم ويحيط به العظام والأنسجة الضامة. يمر العصب المتوسط وأوتار الرسغ من خلال هذا النفق، وهو مسؤول عن نقل الإشارات الحسية للأصابع. الضغط المفرط على هذا العصب يؤدي إلى متلازمة النفق الرسغي.
الوقاية والعناية بصحة الأصابع واليدين ليست مهمة ثانوية، بل هي جزء أساسي من الحفاظ على جودة حياتنا والقدرة على أداء الأنشطة اليومية بكفاءة.
أسباب متلازمة النفق الرسغي
متلازمة النفق الرسغي تنشأ نتيجة لضغط متزايد على العصب المتوسط، وهذا الضغط يمكن أن يكون ناتجًا عن عدة عوامل:
- العامل الوراثي: بعض الأشخاص يولدون بنفق رسغي أضيق من العادة، وهي حالة يمكن أن تُورث بين الأجيال.
- الاستخدام المفرط للمعصم: القيام بحركات متكررة لفترات طويلة، مثل لاعبي تنس الطاولة، يمكن أن يؤدي إلى هذه المتلازمة.
- هرمونات الحمل: النساء قد يلاحظن تطور هذه الأعراض خلال فترة الحمل بسبب تأثير الهرمونات التي تسبب تورم المعصم.
- الحالة الصحية: الأمراض مثل التهاب المفاصل والسكري يمكن أن تسبب تورمات تؤدي إلى زيادة الضغط على العصب المتوسط.
أعراض متلازمة النفق الرسغي
الأعراض المرتبطة بهذه المتلازمة تتطور تدريجياً وقد تظهر وتختفي قبل أن تصبح دائمة. تشمل الأعراض:
- آلام وتنميل في السبابة، الإبهام، والأصبع الوسطى.
- صعقات عابرة تظهر في هذه الأصابع.
- فقدان القدرة على تنفيذ بعض الحركات، مثل الكتابة.
- ضعف في الذراع وصعوبة في الإمساك بالأشياء.
تظهر هذه الأعراض بشكل أكثر وضوحًا عند تحريك المعصم، كما في استخدام الهاتف أو قيادة السيارة. العلاج المبكر والتدبير الصحيح يمكن أن يساعد في التحكم في هذه الأعراض ومنع تطورها إلى مشكلة أكثر خطورة.
تشخيص متلازمة عظام الرسغ (النفق الرسغي)
الفحص السريري
يبدأ الطبيب بجمع معلومات حول تاريخ ظهور الأعراض والتاريخ الطبي للعائلة لتحديد إمكانية وراثية للحالة. يتم فحص اليد والمعصم بعناية لتحديد مدى الألم والتورم، ويتضمن الفحص السريري اختبارات محددة لتقييم:
- رد فعل العصب المتوسط عند الضغط عليه عبر الذراع والمعصم.
- وجود أي ضعف في العضلات المحيطة بإصبع الإبهام.
- حساسية الأصابع وقدرتها على الشعور باللمس.
التشخيص المتقدم
للحصول على تشخيص أدق، قد يتم اللجوء إلى تقنيات التصوير والاختبارات الخاصة، مثل:
الموجات الفوق صوتية
تستخدم لتحليل كيفية انكسار الموجات الصوتية عند مرورها عبر الأنسجة والعظام في المعصم لتحديد مدى الضغط على العصب المتوسط.
التصوير بالأشعة السينية
يتم استخدامه للبحث عن أسباب محتملة أخرى للألم والتورم، مثل التهاب المفاصل أو كسور في العظام أو تمزق في الأربطة.
التصوير بالرنين المغناطيسي
يوفر صورًا عالية الدقة والوضوح تساعد الطبيب في فحص حالة العصب وتحديد ما إذا كان الضغط هو السبب الرئيسي للأعراض أو هناك أسباب أخرى.
اختبارات العصب الكهربائية
تستخدم لقياس قدرة العصب على نقل الإشارات العصبية الحسية من وإلى المخ.
اختبار العضلات الكهربائية
يتم من خلاله تقييم الإشارات الكهربائية في عضلات الذراع وحول الإبهام لتحديد ما إذا كانت الأعراض ناتجة عن مشكلة في الأعصاب أو العضلات.
كل هذه الخطوات تساعد في تحديد سبب الأعراض بدقة وتحديد العلاج المناسب لكل حالة.
علاج متلازمة النفق الرسغي
العلاجات غير الجراحية
في المراحل المبكرة من المتلازمة وخاصة إذا كانت الأعراض خفيفة، يمكن اتباع الإجراءات التالية للتخفيف من الألم والضغط على العصب:
- ارتداء دعامة أو سوار خاص للرسغ للحد من الحركة والضغط على العصب.
- استخدام جبيرة للمساعدة في الحفاظ على الرسغ في وضع مستقيم.
- تناول مضادات الالتهاب للتخفيف من الألم والتورم.
- تجنب الأنشطة التي تزيد الضغط على الرسغ أو تعديل طريقة القيام بها.
- إجراء تمارين خاصة لتحسين حركة العصب داخل النفق الرسغي.
- استخدام حقن الكورتيزون للتحكم في الألم، رغم أن تأثيرها قد يكون مؤقتًا.
العلاجات الجراحية
في حالة استمرار الألم أو تفاقم الأعراض، قد يكون من الضروري اللجوء إلى العلاج الجراحي. الهدف من الجراحة هو تخفيف الضغط على العصب المتوسط. الطرق الجراحية تختلف، لكن جميعها تهدف إلى توسيع النفق الرسغي وتخفيف الضغط على العصب.
العملية تتضمن إجراء شق في معصم اليد تحت تأثير التخدير. يتم بعدها التعامل مع الرباط المستعرض لتوسيع النفق وتخفيف الضغط على العصب. يمكن إجراء العملية عبر تقنيات مختلفة، مثل الجراحة بالمنظار، وتكون النتائج عادة مشابهة بغض النظر عن الطريقة المستخدمة.
بتوجيه من الطبيب وبناءً على شدة الأعراض والتاريخ الطبي للمريض، يتم اتخاذ القرار المناسب بشأن العلاج الأمثل.
إعادة التأهيل لمرضى متلازمة النفق الرسغي
مرحلة التعافي
بعد إجراء العملية الجراحية، يُشجع المريض على تحريك يده وأصابعه بشكل مبكر لتحفيز الدورة الدموية. خلال هذه الفترة، قد يواجه المريض تورمًا وتيبسًا وألمًا لمدة تصل إلى شهر. يتطلب العودة الكاملة لوظائف الرسغ من شهر إلى ثلاثة أشهر، وفي بعض الحالات، قد تستغرق حتى ستة أشهر. يُشجع المريض على استخدام يده بحذر وقد يكون من المفيد ارتداء دعامات لدعم المعصم.
المضاعفات المحتملة
رغم نجاح العملية في الغالب، إلا أن هناك احتمالية لحدوث بعض المضاعفات مثل:
- نزيف داخلي في منطقة الرسغ.
- الإصابة بالعدوى خلال فترة التعافي.
- زيادة آلام العصب بعد العملية بدلاً من التخفيف منها.
توقعات الشفاء
التعافي من متلازمة النفق الرسغي يتم بشكل تدريجي وقد يستغرق حتى سنة كاملة. وجود التهابات في المفاصل أو الأوتار قد يعيق التعافي السريع. ومع ذلك، تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 95% من المرضى يتعافون بنجاح، وعدد قليل منهم قد يحتاج إلى إجراء عمليات جراحية إضافية أو إعادة الجراحة.
العناية المستمرة والمتابعة مع الطبيب واتباع التعليمات الطبية بدقة تلعب دورًا هامًا في تسريع عملية التعافي وتجنب المضاعفات.
كما تعلمون، فإن أيًا من الطرق المذكورة ليست نهائية وقد تكون فعالة فقط في فئات عمرية معينة.
الطريقة الأكثر فعالية وتأكيدًا لزيادة الطول هي جراحة زيادة الطول. للحصول على مزيد من المعلومات حول هذه الجراحة، يُمكنكم التواصل مع خبرائنا عبر تطبيق WhatsApp.
