نظرة على تاريخ عملية تطويل القامة الحديثة

نظرة على تاريخ عملية تطويل القامة الحديثة

خلّف هجوم أدولف هتلر الذي باء بالفشل على الاتحاد السوفيتي، المعروف بعملية بربروسا، ما يقارب 800,000 قتيل روسي وعدد لا يحصى من الجرحى. من بين الناجين، كان هناك جندي من مدينة كورغان الروسية، أصيب ببتر أسفل الركبة مما تسبب أيضًا في تشوه بزاوية 90 درجة في مفصل الركبة، والتحام العظام ببعضها البعض بشكل صلب. الجندي الذي كان يأمل في يوم ما ارتداء طرف صناعي، ذهب لتلقي العلاج في عيادة المحاربين القدامى في مدينته.

إبداع الجراح غافريل إليزاروف

هناك، التقى الجندي بغافريل أبراموفيتش إليزاروف، وهو جراح شاب وضع خطة لتقويم مفصل الركبة المثني. قام الدكتور إليزاروف أولاً بإجراء عملية قطع العظام عبر كتلة عظم الركبة، بدءًا من قمة الانحناء.

ثم طبق جهاز تثبيت خارجي منزلي الصنع (مصنوع من مقابض مجرفة) من منتصف الفخذ إلى منتصف الساق، مع مفاصل دوران تمتد عبر الركبة المثنية. وجّه مريضه لتمديد المفاصل تدريجياً لتقويم الطرف، ثم غادر الدكتور إليزاروف في إجازة إلى البحر الأسود. عند عودته، كان يخطط لزرع عظمي للعيب الثلاثي الناتج بين نهايات العظم المقطوعة.

لكن إلى دهشة الدكتور إليزاروف، امتلأ المكان بعظم جديد، مما ألغى حاجة إلى عملية ثانية. في تلك اللحظة، أدرك الدكتور إليزاروف أنه اكتشف قدرة غير معروفة سابقًا داخل العظم على إنشاء نسيج عظمي جديد تحت ظروف مناسبة من عمليات قطع العظام التي تحافظ على الأنسجة الرخوة، وجهاز تثبيت خارجي مستقر، وتأخير قصير قبل بدء عملية الشفاء، ثم التمديد التدريجي لنهايات العظم المقطوع بمعدل وإيقاع مناسبين.

تطوير طريقة إليزاروف

على مدى السنوات التالية، وسع الدكتور إليزاروف من ملاحظاته. باستخدام العملية التي أطلق عليها اسم “توليد العظم بالشد”، قام الدكتور إليزاروف بتطويل الأطراف القصيرة وتصحيح العيوب الزاوية والانتقالية والدورانية للعظام الطويلة، باستخدام مجموعات من المفصلات والتجميعات الأخرى على جهاز تثبيت خارجي دائري مشدود بأسلاك. وأطلق على العظم الذي تشكل حديثًا اسم “النسيج المتجدد”. قريبًا، أدرك الدكتور إليزاروف أنه يمكنه إزالة عيوب الهيكل العظمي (مثل تلك التي تبقى بعد التنظيف الجراحي للعظم الملتهب) من خلال إطالة جانب من جوانب القطع العظمية المتبقية، وهي تقنية تُعرف الآن بـ “نقل العظم”. وقد نشر أول سلسلة من هذه الحالات في عام 1951.

نمو شهرة الدكتور إليزاروف

مع نمو شهرته، جاء الروس من القريب والبعيد إلى الدكتور إليزاروف للعلاج، بما في ذلك أبناء المسؤولين الحكوميين الهامين. وأزعجت القوائم الطويلة للانتظار السلطات، مما مكن الدكتور إليزاروف من توسيع منشأته على مدى العقود التالية. في البداية، قيّدت الحرب الباردة معرفة تقنيات الدكتور إليزاروف بدول الكتلة الشرقية، خاصةً لأن الجيش الأحمر أدرك أن جراحة العظام الترميمية مفيدة في إعادة الجنود المصابين إلى الخدمة الفعالة.

توسع المعهد والتعرف العالمي

بحلول الوقت الذي تمكن فيه جراحو العظام الغربيون من زيارة الدكتور إليزاروف لأول مرة في الثمانينيات، تطور معهد كورغان الخاص به إلى أكبر مستشفى للعظام في العالم، يعمل به 360 جراحًا، جميعهم يستخدمون طريقة إليزاروف للتغلب على تشوهات الأطراف والعيوب التي لا يمكن علاجها بوسائل أخرى. كما استُخدم جهاز إليزاروف، وهو جهاز تثبيت خارجي دائري معياري مثبت في العظم بأسلاك مشدودة، أيضًا للقضاء على تشوهات اليدين والقدمين و، من خلال استغلال الأوعية الدموية الجديدة التي تحدث أثناء توليد العظم بالشد، لعلاج أمراض الأطراف ذات الأوعية الدموية الضعيفة أيضًا.

التأثير والتوسع في الغرب

تعديلات الجراحين الغربيين

تبعت الزيارات الأولى للجراحين الغربيين تعديلات على جهاز الدكتور إليزاروف. على سبيل المثال، كنت أول أمريكي يزور الدكتور إليزاروف. عند تطبيق ما تعلمته منه، استبدلت الأسلاك المشدودة للدكتور إليزاروف بنصف الدبابيس في بعض المواقع، مما قلل من عدد واجهات الزرع والجلد وخفض تهيج العضلات من تثبيت الأسلاك.

ابتكارات تشارلز تايلور

ابتكر تشارلز تايلور، دكتور في الطب، FAAOS، من ممفيس، تينيسي، جهاز تثبيت خارجي دائري مبتكر يعتمد على منصة ستيوارت الستة الأضلاع، المستخدمة في أمور مثل محاكيات الطيران والألعاب المثيرة في المتنزهات الترفيهية. أثبتت واجهة الكمبيوتر سهلة الاستخدام التي رافقت ابتكار الدكتور تايلور نجاحًا كبيرًا مع الجراحين، الذين وجدوا صعوبة خاصة في تصحيح التشوهات الدورانية باستخدام تقنيات جهاز تثبيت إليزاروف التقليدية.

استراتيجيات جديدة للجراحين حول العالم

في الوقت نفسه، بدأ الجراحون حول العالم في وضع استراتيجيات لتقليل المدة التي يقضيها المريض تحت العلاج في جهاز التثبيت الخارجي، استنادًا إلى الملاحظة أن العدوى في مواقع الدبابيس والأسلاك تزداد مع مرور الوقت. على سبيل المثال، قام الدكتور درور بالي، MD, FAAOS, FRCSC، بتطويل الأطراف باستخدام مزيج من جهاز التثبيت الخارجي ومسمار نخاعي داخلي، يُثبت عرضيًا في نهاية واحدة فقط. وبمجرد وصول المريض إلى الطول المستهدف، قام الدكتور بالي بقفل المسمار من النهاية البعيدة وإزالة الإطار، مما سمح بنضوج النسيج المتجدد دون جهاز تثبيت خارجي مزعج.

هدف القضاء على أجهزة التثبيت الخارجية

مع الهدف الرامي إلى القضاء على أجهزة التثبيت الخارجية بالكامل، طور الجراحون مسامير نخاعية داخلية تلسكوبية لتطويل الأطراف. في البداية، استخدمت هذه الزرعات آليات داخلية للقفل والتعشيق لتطويل الزرعة، ولكن هذه الأجهزة أثبتت عدم جدواها نظرًا لأن معدلات التمديد تعتمد على نشاط المريض وبالتالي كانت متغيرة للغاية. وقد كان التطويل السريع للغاية—الذي يُطلق عليه “القاطرة الهاربة”—مؤلمًا وخطيرًا.

إبداعات راينر باومغارت في ألمانيا

صمم الدكتور راينر باومغارت، من ألمانيا، مسمارًا نخاعيًا يتم تطويله بواسطة محرك كهربائي داخلي، يتم تغذيته بواسطة ملف حثي تحت الجلد. يستقبل الملف طاقته من ملف مماثل يتم الضغط به على الجلد المجاور. هذا المنتج لا يزال متوفرًا في السوق.

أحدث التقنيات في تطويل العظام

اليوم، يعتبر المسمار النخاعي الذاتي التطويل الذي يحتوي على آلية مغناطيس ومغزل تدور رداً على مجال مغناطيسي دوار مطبق من الخارج، الأكثر شعبية. بالعمل جنبًا إلى جنب مع مهندسي الأجهزة الطبية، ساهمت في تطوير هذا الزرع من تصميم كان في الأصل مخصصًا لجراحات تعديل حجم المعدة، حيث ينظم مغناطيس دوار حجم الحزام حول معدة المريض للتحكم في الشهية. لم يخرج هذا الجهاز من مرحلة التجريب على طاولة العمل، لكن نسله يهيمن الآن على سوق تطويل الأطراف الداخلية. تجري تعديلات على هذه التكنولوجيا للسماح بنقل العظام، وتطويل وضغط الألواح، ومجموعة متنوعة من الزرعات الأخرى المستقبلية.

تأثير طويل الأمد لابتكارات الدكتور إليزاروف

مرت ثمانون عامًا منذ أن أخبر مريض روسي الدكتور إليزاروف أنه يرغب في التخلص من عكازاته والمشي مجددًا على طرفيه بعد بتره. هذا الطلب البسيط بداهةً أدى إلى خلق نظام كامل من العظام التقويمية التي استفاد منها عدد لا يحصى من المرضى، سواء البالغين أو الأطفال، بطرق لم يكن يتخيلها الجندي المخضرم ولا جراحه في ذلك الوقت.